الأحد، 18 سبتمبر 2011

مرض الفتنة الطائفية


تحت ظل الاحداث التي تقع في بلادي في الايام الماضية من حروب بين السلف و الكنيسة .. احب ان اوجه اعتراضي الشديد لما يحدث .. اندلاع الاشتباكات كان نتيجة صراع دام لعقود من الزمان بين المشايخ و الكنيسة .. و هذا الصراع يحمل الثورة الى اتجاه اخر لا  بوجد له اي مسمى سوى الجهل و ضيق الافق في التفكير و الانانية لانقاذ قضية واحدة متل ما انساقت جميع الفئات في المجتمع خلف مصالحها الشخصية و مطالبها الفئوية .. و لكن هذه المرة عومل المطلب بتطرف شديد ..

ارى اهمية تدخل الجهات العليا من القضاء و الجيش في فرض قوانين تمنع تكرار هذه المشاكل و تصاعدها بهذا الشكل .. و المشكلة في الأساس ليست التعصب الذي أعمانا جميعا في نقطة معينة .. فنحن شعب متعصب غيور على مبادؤه .. نحن الشعب الذي غضب و أسقط الرئيس بتعصبه ضدد سياسته و تعصبه للحرية و العدالة الإجتماعية.. و رغبته في الثأر و القصاص لأرواح الشهداء.. هذه هي طريقة تفكيرنا و أسلوبنا في التعامل .. ليس من باب الهمجية .. و لكن من باب الاصرار و الثبات على الموقف .. 

في الحقيقة انني سمعت كثيرا عن قصة الفتاه المسلمة التي أحبت شابا مسيحيا و تنصرت .. و الفتاه المسيحية التي احبت شابا مسلما و اسلمت .. و الان المراة المسيحية التي تريد ان نتفصل عن زوجها و لا تجد في عقيدتها و مجتمعها من المسيحين تأييدا لفكرة الانفصال او الطلاق .. لم اسمع ابدا عن شاب او رجل غير ديانته .. لا افهم لماذا تتجه النساء في بلادي لهذا الاتجاه المتطرف لحل مشاكلهم العاطفية .. لم افهم ابدا لماذا قد تحب زميلتي في المدرسة شابا مسيحيا لدرجة الجنون .. و تفكر جديا في تغيير ديانتها .. للتتزوجه .. قد يضفي اختلاف الديانه تقصيلا مشوقا لقصة حب فتاة مراهقة في مرحلة تكون في بداية البحث عن المغامرة العاطفية التي تعيش على ذكراها "او على اثارها السلبية " باقي عمرها .. و طبعا سن المراهقة ابعد ما يكون عن اي اختيار عاقل او موزون مثل اختيار تغيير العقيدة .. في ظل المجتمع الذي نعيش فيه .. من الطبيعي ان تجد اهل فتاه تريد ان تهرب و تتزوج شابا "مختلف" عنهم .. ان تعامل بقسوة و تحبس و تعرض على المشايخ و الاساوسة حتى تدرك على الاقل ما هي مقبلة عليه..... و لكن ماذا عن المرأة العاقلة التي بلغت سن الرشد ؟ لماذا تعامل بنفس المعاملة .. و إذا كنت ارى ان تغيير العقيدة هو مجرد توجيه الاعتراض لزوجها و اهلها الذين اساؤوأ معاملتها و لفت انتباه لها و لمشاكلها و لقدرتها على تشويه كل شيء يؤمنون به .. 

لم اعيش حياة كامليا و لا عبير .. و لم ادخل قلبهما .. و لكني اعترض على الاشهار الذي قاموا به .. تهرب و تتطلب حماية الازهر او تنادي بالمسلمين لانقاذها على قنوات التلفزيون ؟؟ .. النساء المصريات يعون تماما تأصل التعصب في عروق كل رجل مصري .. و يعرفون كيف يوجهون هذه الطاقات لمصالحهم الشخصية .. و حتى ندرك انه لا إكراه في الدين .. و نزيل عنصر التشويق و الاثارة من فكرة تغيير العقيدة .. حتى تعرف اي سيدة عندما تغيير دينها انها أفادت او ضرت نفسها فقط .. ينتابني نوع من انواع القشعريرة و التقزز من فكرة التعامل الجاهلي في عام 2011 .. او ان نتعامل مع دياناتنا على انها فرق او مجموعات او قبائل .. و من يتركنا و يذهب للفريق الاخر نعذبه حتى يتوب عن فكره ..فمازلنا كمجتمع نجد صعوبة في تقبل فكرة الحرية .. عندما تضع نفسك مكان اهل اي فتاه من هؤلاء .. إذا كانت هذه الفتاة اختك .. هل ستتقبل فكرة ان تغير ديانتها ؟ أرى نوعا من الاختلاف في ردود الفعل .. و في الحقيقة يختلف رد الفعل على حسب الشخص في طبيعته و حقيقة تصرفاته ... فإذا كانت فتاة متقلبة في اختيارتها و تفكيرها فمن الممكن إعتبار هذه الخطوة ليست جدية و إذا كانت من النوع المتدين من الممكن ان بكون هذا القرار مبني على تفكير .. فكرة ربط الدين بالحب في نظري فكرة فاشلة .. و لا أجد ان هذا ستكون بداية علاقة ناجحة على الإطلاق .. فقد غيرت معتقداتها من أجل رجل .. ولا للخروج من الحب أيضا .. فهو نوع من أنواع الهروب بدلا من مواجهة المشكلة .. نحن مجتمع مبني على فكرة الترابط الاسري الشديد و المرضي في بعض الاحيان .. اجد غرابة اختيار تغيير العقيدة في مجتمعنا .. و في رأيي هو اشبه بالإنتحار الاجتماعي  .. مع سبق الاصرار والترصد ..

يجب ان يكلل القانون مبدأ الحرية .. و حرية العقيدة .. و إذا كانت الفتاة "كالعادة" في سن الرشد قانونا .. فمن حقها ان تغير دينها عندما تشاء ... فمن حق كل انسان الاختيار .. و أرجو ازالة عنصر التشويق عن هذه الفكرة .. و التشويق الوحيد يجب ان ينبع من الايمان وحده .. و متعة إختيار العقيدة هي من اجمل مباديء الحرية .. هذا هو اساس المشكلة التي لا يتحدث عنها الكثيرون .. و التي يقصد الاغلبية عدم الدخول في تفاصيلها .. لانك من الصعب ان تجزم من ابتدأ المعركة بالامس .. في رأيي كل ما حدث كان وليد اللحظة و ينبع من احساس بدائي نمتلكه جميعا .. , هو الرغبة البقاء و الدفاع عن النفس .. و هو تطور طبيعي لمرض الطائفية الذي عانينا منه على مر السنين .. لا انكر استغلال النظام السابق لهذه الفزاعة بل و افتعال المشاكل لاشعال الحروب الطائفية حتى توجه اهتمام الشعب لقضايا اخرى غير ما كانوا يقومون به من سرقات و فساد سياسي و نشر الخوف من الفوضى .. و لكنه فكر مازال موجودا في عقليات الكثير من المصريين .. الذين يعانون من التطرف الفكري ..و هذه البلاد تحكم بالشريعة الاسلامية و يخدمها رجال القانون .. في الشريعة الاسلامية يحارب و يقتل الذي يرتد عن الدين الاسلامي .. و في الكنيسة يحاصر المسيحي المرتد حتى يتوب .. و لكن الشريحة الكبرى من المصريين اقرت حكم الجيش و الدستور المؤقت الذي ينص على حرية العقيدة .. حتى لو رغب البعض قتل المرتد او التحفظ عليه ضد رغبته .. أرى في ذلك مخالفة للقانون .. و من غيرتي و تعصبي لديني لا أؤيد فكرة إجبار اي انسان على اتحاه فكري معين مهما كانت الاسباب .. و قمع المرتد او قتله حتى لا ينشر الفتنة في زمن العولمة .. كم من البشر ستقمع في سبيل هذه القضية؟ ... 


يجب الوصول للب القضية و هو تغيير عقيدة الفتايات و النساء و اعتراض المشايخ و الأساوسة على ذلك مع التطرف في علاج هذه المشكلة .. بدلا من وضع ما يحدث تحت مسمى الفتنة الطائفية و مطالبة القانون بمنعها .. كيف يمكن منع الفتنة في أي شيء ؟ كيف تمنع اختلاف الرأي مع الاتزام بمبدأ "حرية الرأي" ؟؟