الجمعة، 15 مارس 2013

عشرة دقائق تأخير


دائما اصل متأخرة .. لا استطيع ان اضبط ميعاد وصولي للعمل قبل ان يغلق دفتر الأمضاء و يبدأ يومي غالبا بمشكلة مع المدير او مع
الموظف المسئول عن الدفتر .. من صغري و انا دائما لي مكان معتاد في طابور المتأخرات في المدرسة .. و مشاكل مع ابي و امي للوصول إلى البيت بعد ساعة حظر التجول .. عشر دقائق .. الدقائق العشرة التي تصيبني دائما بكوابيس .. احلم اني خارج البيت و اريد ان اعود قبل حظر التجوال .. و دائما اجد نفسي متأخرة في الحلم .. في الحقيقة ان عقلي الباطن يصور لي اني اطير الى البيت لكن دائما ينتهي الحلم و انا لم اصل و مازلت معلقة في الهواء .. عادة إذا تأخرت بالعودة إلى المنزل نعاقب بعدم الخروج لمدة اسبوع .. و نظرا لحسن السير و السلوك قد تخفض المدة ليومين فقط .. تعب إبي معي حتى اضبط مواعيد حضوري لمدرستي و عملي .. في الجامعة لم اذهب إلى المحاضرات و السكاشن العملية الصباحية بتاتا .. في سنة التدريب كنت اصل متأخرة و كان يصادفني مختلف الأشكال من الموظفين و الأطباء في الصباح .. و كنت ادعي اني آتي لأعمل لا اأسجل حضوري .. و بعضهم صدق هذا و البعض الآخر أصر على التمسك بالإلتزام بمواعيد العمل الرسمية .. انا احضر متأخرة .. من الصعب ان تكون شخص إنطوائي و غير منظم .. لأنك بهذا الشكل تضر الكثير من احبائك .. احاول الآن ان اعترف بالمشكلة حتى اجد لها حلا .. من المفروض ان اقدر المسافات و الظروف المختلفة و ان اعطي كل شيء حقه حتى لا اضطر لأن اتعرض لمواقف مستفزة من اشخاص يحبون استغلال ضعف الآخرين حتى يعكس لديهم شعور بأنهم مهمين .. احاول بقدر المستطاع ان التزم لكن اجد صعوبة بالغة في تنظيم مواعيدي و تنظيم غرفتي و تنظيم افكاري و مجهودي .. انا اكره الروتين مع انه آمن و منظم .. لا اريد ان اتحول إلى انسان بالغ يستيقظ في الصباح الباكر ليشرب الشاي و يكوي ملابسه و ينظم سريره و يذهب إلى العمل .. من الصعب ان ادرك الواقع اني اصبحت شخص مسئول عن عمل في اي مكان .. او مسئول عن اي شيء على الإطلاق .. عندما اخطئ في تصرف ما اول ما يخطر على بالي هو انني اصدم لكوني احاسب في الأساس .. من الصعب ان تتقبل انك لم تعد طفلا .. نعم انت لم تعد طفلا .. نفذ من حولك الكبار الذين يرشدونك و ينبهونك للصواب .. و اصبحت انت المسئول الأول و الأخير ..

....

الآن في هذه اللحظة اشعر اني اكثر تماسكا .. تراكمت فوق رأسي المسئوليات مما أدى إلى تحولي إلى شخص بغيض لا يستمع لأحد ولا حتى لنفسه .. قررت ان احاول ان اركز قليلا في دراستي و اترك باقي الأشياء تعتني بنفسها .. عادة الإستيقاظ باكرا هي عادة صحية جدا و اتمنى ان لا اخسرها بعد ان حصلت على اجازة من عملي الصباحي .. مشكلة عملي الحكومي انه كان يأتي لي بصداع يومي و ضغط عصبي و نفسي اكثر من ما يستحق .. ما يستحق الذكر ان رحلة حصولي على إجازة تمت على مدار ثلاثة اسابيع اتحرك يوميا من الصباح الباكر حتى نهاية اليوم .. اتمنى ان يأتي اليوم و أدون ما حدث لي .. لكني كل ما اتذكر اشعر اني على وشك ان انفجر في بكاء مستمر .. الثلاثة شهور الأخيرة كانت تعيسة جدا بالنسبة لي .. و انتهت بقرار الأجازة . لا امانع في هذه اللحظة ان افشل قليلا .. لأن عنادي في ان استمر في العمل تحت ظروف قهرية جعلني اعكس القهر على كل من حولي .. بدأت استمتع بمساحة من الحرية لا بأس بها .. كأني انهيت عاما دراسيا و بدأت في الأجازة الصيفية .. اتمنى ان افقد بعض الكيلوات و ان اقرأ اي كتاب من عشرات الكتب التي تراكمت على مكتبي .. اتمنى ان اتواصل مع اقرابي .. ان ارى اصدقائي .. مازلت اميل للعزلة كثيرا .. و احبذ النوم .. الكثير من النوم .. و الكثير من الموسيقى و الأفلام المضحكة .. 

الأربعاء، 13 مارس 2013

تلعثم افكار


مع بداية الربيع اشعر دائما بأزمة "من اكون" فيجتاحني الخوف من المستقبل .. اتذكر هذه الغصة .. تستمر معي طوال الربيع و ايام الصيف الرطبة .. تنتهي مع بداية موسم حصد الرز في بلادي مع التخلف الحضاري الذي نشهده حين يقوم الفلاحين بحرق قش الأرز .. قد لا اتضرر من هذه الرائحة في مكان سكني الجديد .. ارتعش رعبا لمجرد الفكرة .. سأرحل عن سريري و دولابي و مكاني المفضل في غرفة المعيشة لأعتني بنفسي و برجل آخر .. يدعي قلبي انه يحبني او اني ابادله نفس الحب .. بل و يبرر انه قد يكون توأم لروحي و كأننا خلقنا كإنسان واحد و انقسمنا حينما خرجنا من بطون امهات مختلفة .. اجزاء كثيرة من روحي تشبهه فعلا .. لكن عقلي مازال يشعر انه يلقي بي للتهلكة تحت شعار الحب .. و هو شيء تافه لا يفهمه .. كيف تلقين بنفسك في الهاوية و انت متأكدة ان  ستجديه على الطرف الآخر حتى ينقذك.. لا يفهم عقلي الثقة بالشخص الآخر .. فإن عقلي دائما يرهقني بفعل كل شيء بنفسي و عدم طلب المساعدة من أحد  .. قد يفهم عقلي الرغبة في الأستمرار بإنتاج اطفال يحملون صفات مني .. و لكن ماذا لو ملكوا عيوبك فقط .. ماذا لو كرروا الفشل بفشل اكبر .. ضاعت كينونتي بين اوراق الموظفين و اختامهم .. انا الآن مبعثرة .. متعثرة .. متلعثمة .. متشائمة .. متعبة .. لن يستطيع عقلي حمايتي من قدري .. ولا حتى من مشاعري .. لا يوجد اي جدوى من التشكيك و محاولة الثبات و ارضك تتغير تحت قدميك .. اتذكر ايام كان من المفترض ان اظل في مكاني دون اي تغيير و انا اتمنى ان استمر في التحرك و التطور و التقدم في الصفوف .. الآن اريد ان اثبت في مكاني .. لست جبانة مع اني اخاف كثيرا .. لا يجب ان يمنعك الخوف من ان تتصرف بشجاعة .. .. من الغباء ان تعامل مستقبلك مثل حيوان مفترس على وشك ان يفترسك .. لم يبقى لدي سوى رغبات بالموت في اوقات مختلفة .. مع الكثير من الدموع .. ينسل الوقت من بين اصابعي .. و لا يهون علي غصة الربيع سوى ازهاره .